Home ] بداية للخطو ] [ المعذبون في الفردوس ] في ليالي ] ؟ ] مارس الحزين ] الخطيئة ] شهد ] ضياع ] إنصاف ] وظيفة شاغرة ] ثرثرة على قبر مجنونة ] إضاءة نقدية ] دفتر الزوار ] مصمم الموقع ]

المعذبون في الفردوس  

هم المغضوب عليهم يحتسون الحميم بينما هم رافلون في سندس وإستبرق ، تقتات على أدمغتهم الطيور لتذريها معصوبة بصداع مقيت ، ليفتشوا عنها بين أوردة الزنابق و حناجر العصافير.

وليتلون (العازي)1 مع إيقاع ضرب محانيهم على أكبادهم ، لتتلاشى الأصوات ولا يلامس آذانهم إلا (والمسلمين تكبر)2.

 

هكذا قلت لي يا سعيد

.. وقلت لك أيضاً:

إن أكبادهم ستبقى دامية ، ليجففوها بضوء القمر ، ..القمر الذي لا يعيرهم إلا الأذن الصماء ، وهم لا يزالون يرمقونه بأعين حُصد النوم منها، وبأنفاس أنهكها الجري خلف تلك السحالي، لتضل أنفاسهم هامدةً يائسةً من نيل نخاعهم المسلوب .‍

 

.. قلتُ لك هذا وأثبته أيضاً.

***

أنا وقد يممت وجهي شطر المسجد .. خاشعاً .. ضارعاً .. سابغاً طهري بعد أن أثقل كاهلي (قفير )3 الذنوب. تهاديت في مشيتي وقاراً وانكساراً، يرطب قلبي الذكر والدعاء. مقتفياً خيطاً شفافاً لاح لي من جهة قصية.. لا أزال أقتفيه.

هي كانت بلون عسل (الجباب)4 الشهي ..عيناها جنات خريف أرزات .. خداها ورد الجبل الأخضر الندي.. وشفتاها (بسر الخنيزي)5 اللذيذ.. كانت تتفيأ عاضد تين فردوسي دانٍ عليها بقطوفه.. بدت لي مكسورة الجناح، متنهدت الأنفاس. سرى دفء أنفاسها إليّ إلى أن أذاب (فص الملح)6.

 

***

تذكرت أن بدوياً قال لي ذات يوم: "إن الضب إذا أنت كسرت ظهره فأنك حتماً ملكته".

 لا أدري ما الذي دفعني لتذكر هذه المقولة في هذا الوقت بالذات .. ربما لكون فص الملح قد أُذيب.

رحت اتحيّن الفرصة المواتية .. ظللت في ذلك وقتاً ليس بالقصير.. لم أحس فيه إلا ببرودة ذلك الفص في صدري.

باغتها وفي نيتي أن أطبق عليها ..و أكمم فمها بكلتا يديّ .. وأدوس ظهرها بقدمي وأفصل فقراته ، حين تحين الفرصة (هكذا خططت).

لكن في النهاية ما كان لي سوى اتساخ يدي ، بعدما انزلقت مني بجلدها الضفدعي.

-( تباً لها.. رغم انكسار جناحها أفلتت اللعينة).

وهكذا رجعت متقززاً من يدي ، لكن لم أندم يا (سعيد) فأنت تعلم أن كبدي ليست طرية لتقتات هي عليها كما تفعل الطيور بسمك (الصد) بل سفهتها.

***

أنت وأنا  اتفقنا على أنهم معذبون رغم أنهم في الفردوس على حد قولك يا (سعيد) أفبعد هذا ستظل تتوق إلى شبق مثل هذه الأمكنة؟

***

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إضاءات:

العازي: فن الرقص بالسيف تقليدي في عُمان

 (المسلمون تكبر): تردد في نهاية كل مقطوعة من العازي

 القفير: السلة المصنوعة من سعف النخيل.

الجباب: نوع من أنواع عسل النحل فاتح اللون يكون في موسم إزهار السدر/شجر بري

البسر: مرحلة من مراحل تكوين البلح والخنيزي صنف لونه أحمر قان.

(الفؤاد فص ملح): مثل دارج في عُمان

 

Home ] بداية للخطو ] [ المعذبون في الفردوس ] في ليالي ] ؟ ] مارس الحزين ] الخطيئة ] شهد ] ضياع ] إنصاف ] وظيفة شاغرة ] ثرثرة على قبر مجنونة ] إضاءة نقدية ] دفتر الزوار ] مصمم الموقع ]