Home ] بداية للخطو ] المعذبون في الفردوس ] في ليالي ] ؟ ] مارس الحزين ] الخطيئة ] شهد ] ضياع ] إنصاف ] وظيفة شاغرة ] ثرثرة على قبر مجنونة ] [ إضاءة نقدية ] دفتر الزوار ] مصمم الموقع ]

إضاءة

خصوبة الأفكار:

لقد استطاع عبد الله أن يقدم في كل قصة فكرة مختلفة ، ففي (ثرثرة على قبر مجنونة)، مكن الفتاة من أن تكتشف حقيقة الفتى المتودد إليها، دون أن تنخدع بتودّده ، وتثبت لنفسها أولاً وله ثانياً أنه لن يكون معها خيراً من أبيه مع أمه، فكانت هذه القصة نفسانية الوجهة، رغم تفضيلي لأن تكون الفتاة ابنة خال الفتى لا ابنة عمته كما رأى، لأن الأحرى بهاـ على كونها ابنة عمته ـ أن تنزه خالها عن العيب!.

وفي (بداية للخطو ليوم ما رغم المسافة) ، ثارت شجوني وحضرتني صباحات لا تعد، كنت فيها هذا الطفل ، وكانت المرأة جدتي، لقد كانت القصة واقعية الوجهة، رغم غفلة عبد الله عن أن يتعرض لأصل ما قصده فجعله في العنوان، أي معاني السعي ليوم مخوف قادم.

وفي (الخطيئة) كان موفقاً جداً في الرمز إلى حقيقة ما عليه الروح من طهر أو نجس ، بالصفحة التي كأنها بيان لحالها، فنحن نعرف فيما علّمناه ديننا،

ما سيتلقاه كل منا من بيان لعمله كله في الدنيا، فيجعل راجعه ويضرب حزناً أو فرحاً.

لقد أجاد عبد الله الحديث عن تناوب الشخصيتين النظر في تلك الصفحة، يتفّقدان حقيقة روحيهما وما يصيبها، ولن يزال المحبون بخير ما تذكروا هذه الصفحة و راجعوها وقاسوا إليها حالهم، غير إنني وددت أن لو استطاع أن يستفيد من تلقي الصفحة باليمين أو بالشمال، هذا المشحون دلالة.

وفي (المعذبون في الفردوس) ضللني استعمال ضمائر العاقلين في الحديث عن هذه الكائنات المعذبة بمعالم حياتها وبيئتها، ثم بدا لي أن الأمر كله يحتمل أن يدور على نمط معروف هنا من صيد بعض الصحراويات في بعض المناسبات أو الأوقات.

وعلى أية حال ، يضل ذلك التضليل رائعاً، دلالة على هذه القصة اللغزية الوجهة, التي  تحتمل الرمز كالسابقة والواقع كالتي قبل السابقة.

ثنائيّة الشخصيات:

      غرام عبد الله بالإجاز واضح، فالقصص قصيرة جداً، ولقد كان لهذا أثره في اكتفائه من شخوص القصة باثنين دائماً: خالد وصاحبته في (الثرثرة)، سعيد وصاحبه في (المعذبون)، والرجل والمرأة المجهولان في (الخطيئة) وكأن تجهيلهما إشارة إلى عموم الخطيئة أو احتمال كل بني آدم للخطأ ، والشخصان في (بداية الخطو)هما الطفل وأمه مجهولان كذلك إشارة إلى عموم العناء لكثير ممن لا يلتفت إليهم.

لقد كان يكتفي بشخصين ولسان حال قصصه يقول: حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق!

إن الشخصين كافيان عنده لبناء الحوار والتمهيد للحدث،ولا سيما إن الحوار والحدث لديه منحصران داخل ما نعلب أن يكون موقفاً أو كالموقف.

شعرية التعبير:

      لقد صار معروفاً تداخل الفنون أي استعمال بعضها لوسائل تعبير بعضها الآخر وتقنياته. وإن من أكثر هذه الفنون الأدبية تداخلاً فيما أرى، القصة والقصيدة، ففي حين صارت القصيدة تمتاح من القصة(وهي القصيرة)، فتستعير منها الصراع وتنامي الأحداث، صارت القصة تمتاح من القصيدة التركيز والتصوير.

وحين يقول عبد الله في (الثرثرة):

(غسلت فيهما الطفولة إحساس التفريق بين الذكر والأنثى)،

 (على صورة زوجها الذي رسم فيها لعبة الجنون بتصرفاته الصبيانية)،

وفي (بداية للخطو):

(ولا تزال بقايا لليلة الفائتة عالقة بعينيه الصغيرتين، يحاول الآن إفراغهما بدعكهما بقبضتي يديه)

وفي ( المعذبون):

(لا يلامس آذانهم إلا بقايا و المسلمين تكبر)،

(إن أكبادهم ستبقى دامية ليجففوها بضوء القمر .. القمر الذي لا يعيرهم إلا الأذن الصماء، وهم لا يزالون يرمقونه بأعين حصد النوم منها).

حين يقول عبد الله ذلك، ينفح في قصصه من روح الشعر ما يشعلها وهجاً وألقا.                                  ــــــــــــــــــ

د. جمال صقر( الأحد 12/4/1998م)  

 

Home ] بداية للخطو ] المعذبون في الفردوس ] في ليالي ] ؟ ] مارس الحزين ] الخطيئة ] شهد ] ضياع ] إنصاف ] وظيفة شاغرة ] ثرثرة على قبر مجنونة ] [ إضاءة نقدية ] دفتر الزوار ] مصمم الموقع ]